قَالَ: وقوله: "بإيماء"، يريد مضطجعًا، قاله البخاري. وقال الخطابي: لا أحفظ عن أحد من أهل العلم أنه رخص في صلاة التطوع نائمًا كما رخصوا فيها قاعدًا. فإن صحت هذِه اللفظة عن الشارع ولم يكن من كلام بعض الرواة أدرجه في الحديث، وقاسه على صلاة القاعد إذا اعتبره بصلاة المريض نائمًا إذا لم يقدر على القعود، فإن التطوع مضطجعًا للقادر على القعود جائز، كما يجوز للمسافر أن يتطوع على راحلته. وأما من جهة القياس فلا يجوز أن يصلي مضطجعًا، كلما يجوز أن يصلي قاعدًا؛ لأن القعود شكل من أشكال الصلاة، وليس الاضطجاع شيء من أشكال الصلاة (?).
وقال الخطابي: كنت تأولت هذا الحديث على أن المراد به التطوع، وعليه تأوله أبو عبيد وغيره، إلا أن قوله: "من صلى نائمًا" يفسد هذا التأويل؛ لأن المضطجع لا يصلي تطوعًا كما يصلي القاعد، فرأيت الآن أن المراد المريض المفترض الذي عليه أن يتحامل فيقوم مع مشقة، فجعل أجر القاعد على النصف من أجر القائم، ترغيبًا له في القيام مع جواز قعوده وكذا المضطجع الذي لو تحامل لأمكنه القعود مع شدة المشقة، والمراد بالنوم: الاضطجاع كما قال: "فإن لم تستطع فعلى جنب" (?).
وقَالَ الترمذي: معنى الحديث عند بعض أهل العلم في صلاة التطوع. وساق بسنده إلى الحسن قَالَ: إن شاء الرجل صلى صلاته للتطوع قائمًا، وجالسًا، ومضطجعًا.