لم يبلغنا ولا أهل بلدنا أنه - صلى الله عليه وسلم - جمع لكسوف القمر، ولا نقل عن أحد من الأئمة بعده - صلى الله عليه وسلم - أنه جمع فيه (?). قَالَ المهلب: ويمكن أن يكون تركه -والله أعلم- رحمة للمؤمنين؛ لئلا تخلو بيوتهم بالليل فيحطمهم الناس ويسرقونهم. يدل على ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - لأم سلمة -ليلة نزول التوبة على كعب بن مالك وصاحبيه- قالت لهم: ألا أبشر الناس، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أخشى أن يحطمكم الناس" (?)؛ وفي حديث آخر: "أخشى أن يمنع الناس نومهم" (?). وقد قَالَ تعالى: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ} جعل السكون في الليل من النعم التي عددها على عباده، وقد سمي ذلك رحمة.

وقد أشار ابن القصار إلى نحو هذا المعنى، وقال: خسوف القمر يتفق ليلًا فيشق الاجتماع له، وربما أدرك الناس نيامًا، فيثقل عليهم الخروج لها، ولا ينبغي أن يقاس على كسوف الشمس؛ لأنه يدرك الناس مستيقظين متصرفين ولا يضر اجتماعهم كالعيدين والجمعة والاستسقاء (?).

قلتُ: وصلى ابن عباس بأهل البصرة في خسوف القمر ركعتين، ثم قَالَ: إنما صليت لأني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي. رواه الشافعي في "مسنده" (?)، وذكره ابن التين بلفظ: أنه صلى في خسوف القمر، ثم خطب وقال: يا أيها الناس، إني لم أبتدع هذِه الصلاة بدعة، وإنما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015