تجويز أحكام متضادة (?).

وقال غيره: اختلاف الصحابة في المبادرة بالصلاة عند ضيق وقتها وتأخيرها سببه أن أدلة الشرع تعارضت عندهم، فإن الصلاة مأمورٌ بها في الوقت، مع أن المفهوم من قوله: "لَا يُصَلِّيَنَّ أحدٌ -كذا- إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ": المبادرةُ بالذهاب إليه، وأن لا يشتغل عنه بشيء؛ لأن تأخير الصلاة مقصودٌ في نفسه من حيث أنه تأخيرٌ، فأخذ بعض الصحابة بهذا المفهوم، ونظر إلى المعنى لا إلى اللفظ، فصلوا حين خافوا الفوت، وأخَّر آخرون بظاهر اللفظ وحقيقته، ولم يعنف الشارع واحدًا منهما؛ لأنهم مجتهدون، ففيه دليل لمن يقول بالمفهوم والقياس ومراعاة المعنى، ولمن يقول بالظاهر أيضًا.

وفيه: أنه لا يعنف المجتهد فيما فعله باجتهاده إذا بذل وسعه في الاجتهاد. قَالَ: وقد يستدل به على أن كل مجتهد مصيب وللقائل الآخر أن يقول: لم يصرح بإصابة الطائفتين، بل ترك تعنيفهم، ولا خلاف في ترك تعنيف المجتهد وإن أخطأ إذا بذل وسعه في الاجتهاد.

الخامس: فيه أيضًا: كما قَالَ الداودي: إن المتأول إذا لم يتعد في التأويل ليس بمخطئ، وأن السكوت على فعل أمرٍ كالقول بإجازته.

فرع:

في جواز الجمع بالخوف قولان في مذهب مالك، وقال ابن القاسم: لا بأس به، أي: لأن مشقته أكثر من مشقة السفر والمطر (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015