وأما استدلال الوليد بقصة بني قريظة على صلاة الطالب راكبًا، فلو وجد في بعض طرق الحدشج أن الذين صلوا في الطريق صلوا ركبانًا لكان ثبتًا في الاستدلال، ولم يحتج إلى غيره، ولما لم يوجد ذلك احتمل أن يكون لما أمرهم - صلى الله عليه وسلم - بتأخير العصر إلى بني قريظة.

وقد علم بالوحي أنهم لا يأتونها إلا بعد مغيب الشمس، ووقت العصر فرضٌ، فاستدل أنه كما ساغ للذين صلوا في بني قريظة ترك الوقت وهو فرض، ولم يعنفهم - صلى الله عليه وسلم -، فلذلك سوغ للطالب أن يصلي في الوقت راكبًا بالإيماء، ويكون تركه للركوع والسجود المفترض كترك الذين صلوا في بني قريظة الوقت الذي هو فرض، وكان ذلك قبل نزول صلاة الخوف، قاله المهلب.

قَالَ: والأمر بالصلاة في بني قريظة أراد به إزعاج الناس إليها لما كان خبره جبريل أنه لم يضع السلاح بعد، وأمره ببني قريظة (?)، وقد أسلفنا ذلك.

وقال ابن المنير: أشكل ذلك على ابن بطال ثم لخص كلامه السالف، وقال: والأبين عندي والذي أعلم على غير ذلك. وإنما استدل البخاري بالطائفة التي صلَّت فظهر له إنما لم تنزل؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - إنما أمرهم بالاستعجال إلى بني قريظة، والنزول ينافي مقصود الجد في الوصول، فمنهم من بني أن النزول للصلاة معصية للأمر بالجد، فتركها إلى أن فات وقتها لوجود المعارضين (?)، ومنهم من جمع بين دليلي وجوب الصلاة ووجوب الإسراع في هذ السير، فصلى راكبًا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015