عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من وجه أنه قرأ في المغرب بالطور إلا في هذا الحديث (?).

قلتُ: قد أخرجه الحافظ أبو موسى المديني في كتابه "معرفة الصحابة" من حديث الزهري، عن الأعرج قال: سمعت عبيد الله بن الحارث بن نوفل يقول: آخر صلاة صليتها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المغرب، فقرأ في الأولى بـ {وَالطُّورَ} وفي الثانية بـ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} (?).

إذا تقرر ذلك؛ فالحديث ظاهر لما ترجم له من الجهر بالمغرب، وهو إجماع.

وقد ذهب قوم -كما قال الطحاوي- إلى الأخذ بحديث جبير هذا، وحديث زيد وأم الفضل السالفين في الباب قبله وقلدوها، وخالفهم في ذلك آخرون وقالوا: لا ينبغي أن يقرأ في المغرب إلا بقصار المفصل؛ وقالوا: قد يجوز أن يكون يريد بقوله: (قرأ بالطور) ببعضها وهو جائز لغة، يقال: فلان يقرأ القرآن إذا قرأ بشيء منه.

قال الطحاوي: والدليل على صحة ذلك ما روى هشيم، عن الزهري، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه قال: قدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأكلمه في أسارى بدر، فانتهيت إليه وهو يصلي بأصحابه صلاة المغرب، فسمعته يقول: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (7) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (8)} [الطور:7 - 8] فكأنما صدع قلبي؛ فبين هشيم القصة على وجهها وأخبر أن الذي سمعه قوله: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015