وهذا الذي قاله عن الشافعي غلط من أصله فإن الذي استحبه الشافعي السكتة فيها؛ لأجل قراءة المأموم الفاتحة إنما هو السكتة الثالثة بعد قوله: آمين، فتنبه لذلك، ثم قال ابن بطال: ولو كانت هذِه السكتة فيما واظب عليها الشارع لم يخف ذلك، ولنقلها أهل المدينة عيانًا وعملًا، فيحتمل أنه - عليه السلام - فعلها في وقت ثم تركها، فتركها واسع (?).
قلت: الحديث ورد بلفظ: كان إذا قام إلى الصلاة، وبلفظ: كان إذا قام يصلي تطوعًا. وبلفظ: كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة قاله. وكان هنا تشعر بكثرة الفعل أو المداومة عليه.
إذا تقرر ذلك فالكلام عليه من أوجه:
أحدها:
قوله: (إسكاتة): هو بكسر الهمزة: إفعالة من السكوت.
قال ابن التين: معناه: سكوتًا يقتضي كلامًا بعده أو قراءة مع قصر المدة. والمراد بالسكوت هنا سكوت عن الجهر لا سكوت مطلق عن القول لا عن الذكر والدعاء بدليل قوله بعده: ما تقول؟ فإنه مشعر بأنه فهم في سكوته قولًا.
ثانيها:
(هنية) القليل من الزمان، وأصله: هنة، ثم صغر هنية -كما في رواية الكتاب- ثم أبدلت الياء المشددة هاء في رواية أخرى (?). وضبطها