حين قدم تسأله عن سبب تأخره عن مثل ذَلِكَ، وامتناع ضيفانه من الأكل أدبًا ورفقًا به؛ لظنهم أنه لا يجد عشاء، فصبروا حَتَّى يأكل معهم.
وفيه: إباحة الأكل للضيف في غيبة صاحب المنزل، وأن لا يمتنعوا إذا كان قد أذن في ذَلِكَ؛ لإنكار الصديق في ذلك.
الحادي عشر:
قولها: (قالت: أبوا حتى تجيء، قد عرضوا فأبوا). قَالَ ابن التين: أي: عرضوا أهل الدار فأبى الضيفان. وفي رواية: فعرضنا عليهم (?).
ويروى: عُرضوا، بضم العين، وهو ما ضبطه به عياض أي أطعموا.
والعُراضة -بضم العين- الهدية (?). قَالَ ابن التين: ويروى بصاد مهملة، ولا أعلم له وجهًا. قَالَ بعض شيوخنا: يحتمل أن يكون من عرض بمعنى نشط، قاله ابن التياني، فكأنه يريد أن أهل البيت نشطوا في العزيمة عليهم. قلت: وفي "الصحاح": العَرَص -بالتحريك- النشاط. وعرِص الرجل -بالكسر- تنشط عن الفراء (?).
وفيه: أن الولد والأهل يلزمهم الاحتفال بالأضياف مثلما يلزم صاحب المنزل، فإنهم عرضوا عَلَى الأضياف الطعام فامتنعوا.
الثاني عشر:
(قَالَ -يعني: عبد الرحمن-: فذهبت أنا فاختبأت) اختباؤه للخوف من خصام أبيه له؛ لأن المنزل لم يكن فيه رجل غيره يباشر الأضياف؛ ولأنه كان أوصاه بهم.