الحادي عشر:
قوله: (قَالَ عُرْوَةُ: وَلَقَدْ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلَّي العَصْرَ، وَالشَّمْسُ فِي حُجْرَتِهَا قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ) وهو حديث صحيح أخرجه مسلم (?) والأربعة.
والحجرة: الدار، وكل ما أحاط به حائط فهو حجرة، من حجرت أي: منحت، سميت بذلك؛ لأنها تمنع من دخلها أن يُوصل إليه، ومن أن يُرى، ويقال لحائط الحجرة: الحجار (?).
وقولها: (قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ) أي: تعلو وتصير عَلَى ظهر الحجرة، قال تعالى: {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ} [الكهف: 97] أي: ما قدروا أن يعلوا عليه؛ لارتفاعه وإملاسه، وقال النابغة:
وإنا لنرجوا فوق ذَلِكَ مظهرًا
أي: علوًّا ومرتقى، يقال: ظهر الرجل إلى فوق السطح: علا فوقه، قيل: وإنما قيل له ذَلِكَ؛ لأنه إذا علا فوقه ظهر شخصه لمن تأمله. وقيل: معناه أن يخرج الظل من قاعة حجرتها فيذهب، وكل شيء خرج فقد ظهر، قَالَ أبو ذؤيب:
وعيرني الواشون أني أحبها ... وتلك شكاة ظاهر عنك عارها
أي: ذاهب. والتفسير الأول أقرب وأليق بظاهر الحديث؛ لأن الضمير في قوله: (تظهر). إنما هو راجع إلى الشمس ولم يتقدم للظل ذكر في الحديث، ويأتي لذلك زيادة (بيان) (?) إن شاء الله في باب: وقت العصر (?).