وذكر فيه البخاري أيضا حديثين:
الأول عن شيخه مَكِّيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: كُنْتُ آتِي مَعَ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ فَيُصَلِّي عِنْدَ الأُسْطُوَانَةِ التِي عِنْدَ المُصْحَفِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا مُسْلِمٍ، أَرَاكَ تَتَحَرى الصَّلَاةَ عِنْدَ هذِه الأُسْطُوَانَةِ. قَالَ: فَإِني رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَحَرى الصَّلَاةَ عِنْدَهَا.
وهو أحد ثلاثيات البخاري وأخرجه مسلم أيضًا بلفظ يصلي وراء الصندوق (?)، وفي أخرى: كان يتحرى مكان المصحف يسبح فيه (?).
ثم الكلام عليه من أوجه:
أحدها:
الأسطوانة معروفة والنون أصلية، وهي أُفْعُوَالَةٌ، مثل أقحوانة؛ لأنه يقال: أساطين مُسَطَّنَة، وكان الأخفش يقول: فُعْلُوانة؛ وهذا يوجب زيادة الواو وإلى جنبها زائدتان الألف والنون ولا يكاد يكون، وقال قوم: هو أُفْعُلَانَة، ولو كان كذلك لما جمع على أساطين؛ لأنه لا يكون في الكلام أفاعين ذكره في "الصحاح" (?).
وقوله: (التي عند المصحف) كأنه كان هناك مصحف.
و (يتحرى) يقصد ويعتمد قال تعالى: {فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا} [الجن: 14] أي: قصدوا إنما كان يتحرى الصلاة في ذلك الموضع؛ لأنهم زادوا في المسجد، فكأنه كان يطلب موضع الحائط الأول.