وذكر ابن بطال وغيره عن سفيان بن عيينة أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما رد الخميصة؛ لأنها كانت سبب شغله، كما قال: "اخرجوا عن هذا الوادي الذي أصابكم فيه الغفلة، فإنه واد به شيطان" (?) قال: ولم يكن الشارع ليبعث إلى غيره بشيء يكرهه لنفسه، ألا ترى قوله لعائشة في الضب: "إنا لا نتصدق بما لا نأكل" (?)، وكان أقوى خلق الله على دفع الوسوسة، ولكن كرهها لدفع الوسوسة كما قال لعائشة: "أميطي عنا قرامك، فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي" (?) قال: وفي رده الخميصة تنبيه منه وإعلام أنه يجب على أبي جهم من اجتنابه في الصلاة مثلما عليه؛ لأن أبا جهم أحرى أن يعرض له من الشغل بها أكثر مما خشي الشارع، ولم يرد بردها عليه منعه من ملكها ولباسه في غيرها، وإنما معناها كمعنى الخلة التي أهداها لعمر وحرم عليه لباسها، وأباح له الانتفاع بها وبيعها. قال: وفيه دليل أن الواهب والمهدي إذا ردت عليه عطيته من غير أن يكون هو الراجع فيها فله أن يقبلها؛ إذ لا عار عليه في قبولها.

وذكر غيره أنه إنما كرهها لما فيها من الحرير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015