وقال ابن أبي صفرة في "شرح مختصر البخاري" وارتضاه ابن دحية: أنه كان مرتين، وبه يتفق الجمع بين الروايات.
الأولى: في حال الطفولية؛ ليطهر من كل خلق ذميم، وحتى لا يكون في قلبه إلا التوحيد، ولذلك قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: "فوليا عني -يعني: الملكين- وكأني أعاين الأمر معاينة" (?).
الثانية: عند الإسراء بعدما نبئ؛ لتفرض عليه الصلاة ويصلي بالملائكة، من شأن الصلاة الطهور فقد بين ظاهرًا وباطنًا، وغُسل بماء زمزم، وفي الأولى بالثلج؛ ليثلج اليقين إلى قلبه، وهذِه لدخول الحضرة المقدسة؛ فلذلك غُسل بهزمة جبريل لأبيه إسماعيل، وقيل: فعل به ذَلِكَ في حال صغره؛ ليصير قلبه مثل قلوب الأنبياء في الانشراح، والثانية ليصير حاله مثل حال الملائكة.
الثامن:
معنى: ("أَفْرَغَهُ فِي صَدْرِي ثُمَّ (?) أَطْبَقَهُ" أفرغ الإيمان والحكمة الذي في الطست. قَالَ ابن سَبُع: ولما فُعِلَ به ذَلِكَ ختم عليه كما يختم عَلَى الوعاء المملوء، فجمع الله له أجزاء النبوة، وختمها، فهو خاتم النبيين، وختم عليه فلم يجد عدوه سبيلًا إليه من أجل ذَلِكَ؛ لأن الشيء المختوم محروس.