وقد روي مثل هذا عن ابن عمر، واختلف فيه عن عليٍّ (?)، وخفيت عليهم السُّنَّة في ذَلِكَ من رواية عمار وعمران بن الحصين، وإنما استراب عمر عمارًا في ذَلِكَ؛ لأنه كان حاضرًا معه، فلم يذكر القصة وأنسيها، فارتاب ولم يقنع بقوله.
وكان عمر وابن مسعود لما كان من رأيهما أن الملامسة في الآية هي ما دون الجماع، وكان التيمم في الآية يعقب الملامسة منعا الجنب التيمم، ورأيا أن التيمم إنما جعل بدلًا من الوضوء، (ولم) (?) يجعل بدلًا من الغسل، فكان من رأي ابن عباس وأبي موسى الجماع وأجاز للجنب التيمم، ألا ترى أن أبا موسى حاج ابن مسعود بالآية التي في سورة النساء، فإن الملامسة فيها الجماع، فلم يدفعه ابن مسعود عن ذَلِكَ، ولا قدر أن يخالفه في تأويله للآية، فلجأ إلى قوله: إنه لو رخص لهم في هذا كان أحدهم إذا برد عليه الماء يتيمم.
وقد ذكر ابن أبي شيبة قَالَ: حَدَّثنَا سفيان بن عيينة، عن أبي سنان، عن الضحاك قَالَ: رجع عبد الله عن قوله في تيمم الجنب (?). ولم يتعلق أحد من فقهاء الأمصار -من قَالَ بأن الملامسة: الجماع، ومن قَالَ بأنها دونه- بقول عمر وابن مسعود، وصاروا إلى حديثِ عمَّارٍ وعمران بن الحصين في ذَلِكَ.
إلا أنهم اختلفوا ثم أجازوا للجنب التيمم، فمن قَالَ: الملامسة: الجماع، أوجب التيمم بالقرآن، وهو قول الكوفيين، ومن قَالَ: إنها ما دون الجماع. أوجبه بحديث عمار وعمران، وهو قول مالك.