وحديث عائشة - رضي الله عنها -: سَأَلَ الناس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الكُهَّانِ، فَقَالَ: "إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِشَيْءٍ". فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ بِالشَّيْءِ يَكُونُ حَقًّا. فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "تِلْكَ الكَلِمَةُ مِنَ الحَقِّ يَخْطَفُهَا الجِنِّيُّ، فَيُقَرْقِرُهَا فِي أذُنِ وَليِّهِ كَقَرْقَرَةِ الدَّجَاجَةِ، فَيَخْلِطُونَ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذْبَةٍ".
وحديث أبيِ سعيد الخدري - رضي الله عنه -: عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يَخْرُجُ نَاسٌ مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ يَقْرَءُونَ القُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، ثُمَّ لَا يَعُودُونَ فِيهِ حَتَّى يَعُودَ السَّهْمُ إِلَى فُوقِهِ". قِيلَ: مَا سِيمَاهُمْ؟. قَالَ: "سِيمَاهُمُ التَّحْلِيقُ". أَوْ قَالَ: "التَّسْبِيدُ".
الشرح:
معنى هذا الباب: أن قراءة الفاجر والمنافق لا ترتفع إلى الله تعالى، ولا تزكوا عنده (وإنما يزكو عنده) (?) تعالى ويرتفع إليه من الأعمال ما أريد به وجهه، وكان عن نية، وقربة إليه -عَزَّ وَجَلَّ-، ألا ترى أنه شبه الفاجر الذي يقرأ القرآن بالريحانة ريحها طيب وطعمها مر حين لم ينتفع ببركة القرآن، ولم يفز بحلاوة أجره، فلم يجاوز الطيب حلوقهم موضع الصوت ولا بلغ إلى قلوبهم ذلك الطيب؛ لأن طعم قلوبهم مر، وهو النفاق المستتر فيها كما استتر طعم الريحانة في عودها مع ظهور رائحتها، وهؤلاء هم الذين يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية.
فصل:
وقوله: ("المؤمن كالأترجة") كذا في الأصول.