وقوله في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: "واذروا نصفه في البر ونصفه في البحر" هو ثلاثي من قوله: {تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ} [الكهف: 45]. أي: تفرقه، ووقع هنا رباعيًّا في قوله: "ففعلوا ثم أذروه". هو في اللغة ثلاثي كما وقع في القرآن، قال ابن التين: ورويناه بفتح الهمزة (حيث) (?) ما وقع هنا.
فصل:
قد سلف الكلام على قوله: ("لئن قدر الله علي") قال ابن فورك وغيره: معنى ("قدر")، للتقدير أي: إن كان قدر وحكم عليّ بالعقوبة فإنه يعاقبني (?)، وإنما روي بالتشديد.
وقيل معناه: ضيق عليَّ وناقشني حسابًا مثل: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطلاق: 7]. أي: ضيق، وهذا إحراقه نفسه، ثم إن الله تعالى تفضل عليه وغفر له بخشيته إياه، وهذا يدل أنه كان مقرًّا بالله موحدًا له، وقد سلف، وذكر أن الشيخ أبا عمران قال: قد يحتمل أن يكون هذا الرجل ظن أن من أحرق حتى يصير رمادًا، وذري في البحر لا يبعث، أو لعله لم يبلغه عن أحد من الرسل علم (هذا) (?) قيل: ولعل أبا عمران يريد أنه كان عالمًا بفعله وجود الله واستحقاقه أن يعبد وخفي عليه علم وجوب إعادة جميع الموتى؛ لأن طريق علم الله السمع.
وقيل: إنما غفر له، وإن كان ما قاله كفرًا ممن (يعقل) (?)؛ لأنه قاله حالة لا يعقل، وقد غلب عليه الجزع من عذاب الله تعالى على ما سلف