وهل قدرته متعلقة بجميع ما يصلح كونه معلومًا لما عرفوا حقيقة ذلك؟ فلو حكم بالكفر على من جهل صفة من الصفات لوجب الحكم به على جميع العامة وأكثر الخاصة، وهذا محال.
والدليل على صحة قولنا حديث السوداء أنه - عليه السلام - قال لها: "أين الله؟! " قالت: في السماء. فقال: "من أنا؟ " فقالت: إنك رسول الله، فقال: "أعتقها فإنها مؤمنة" (?) فحكم لها بالإيمان، ولم يسألها عن صفات الله وأسمائه، ولو كان علم ذلك شرطًا في الإيمان لسألها عنه، كما سألها عن أنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وكذلك سأل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: عمر بن الخطاب وغيره رسول - صلى الله عليه وسلم -عن القدر، فقالوا: يا رسول الله، أرأيت ما نعمل لأمر مستأنف أم لأمر قد سبق؟ فقال: " (بل) (?) لأمر قد سبق" قال: ففيم يعمل العاملون؟ فقال: "اعملوا فكل ميسرلما خلق له" (?) وأعلمهم أن ما أخطأهم لم يكن ليصيبهم (?) ومعلوم أنهم كانوا قبل سؤاله مؤمنين ولا يسع مسلمًا أن يقول غير ذلك فيهم، وإن كان لا يسعهم جهل القدرة، وقدم العلم لعلمهم ذلك مع شهادة التوحيد لعله عمودًا سادسًا للإسلام.