الحديث السابع عشر: حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - في قصة الرجل الذي أوصى بإحراقه ... إلى آخره، وقد سلف بالاختلاف فيه: يَبْتَئِرْ أَوْ لَمْ يَبْتَئِزْ، وقال فيه: فَسَّرَهُ قَتَادَةُ: (لَمْ) (?) يَدَّخِرْ.
الشرح:
غرضه في هذا الباب كغرضه في الأبواب التي قبلها، ومعنى قوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللهِ}: هو أن المنافقين تخلفوا عن الخروج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى غزوة تبوك واعتذروا بما علم الله إفكهم فيه، فأمر الله رسوله أن يقرأ عليهم (قوله) (?): {فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا} [التوبة: 83]، فأعلمهم بذلك، وقطع أطماعهم (بخروجهم) (?) معه، فلما رأوا الفتوحات قد تهيأت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرادوا الخروج معه رغبة منهم في المغانم، فأنزل: {سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا} الآية [الفتح: 15].
فهذا معنى الآية: أن يبدلوا أمره - عليه السلام - بأن لا يخرجوا معه فإن يخرجوا معه، فقطع الله أطماعهم من ذلك مدة أيامه - عليه السلام - بقوله: {لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا} الآية [التوبة: 83]، ثم قال الله آمرًا لرسوله: {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ} [الفتح: 16] يعني: المريدين تبديل كلامه تعالى {سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} الآية [الفتح: 16] يعني: توليهم عن إجابته - عليه السلام - حين دعاهم إلى الخروج معه في سورة براءة، والداعي لهم غيره ممن يقوم بأمره من خلفائه.