هذا الباب كالباب الذي قبله في إثبات كلامه تعالى وإسماعه جبريل والملائكة، فيسمعون عند ذلك الكلام القائم بذاته الذي لا يشبه كلام المخلوقين؛ إذ ليس بحروف ولا تقطيع بفم، وليس من شرطه أن يكون بلسان وشفتين وآلات، وحقيقته أن يكون مسموعًا مفهومًا، ولا يليق بالباري تعالى أن يستعين في كلامه بالجوارح والأدوات، فمن قال: لم أشاهد كلامًا إلا بأدوات لزمه التشبيه؛ إذ حكم على الله بحكم المخلوقين، وخالف قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11].

فصل:

قوله: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ}: جمع على معنى التعظيم، وإنما هو في الحقيقة كلام واحد كما سلف.

وروي أن آدم قال: يا رب عملي هذا هل شيء اخترعته أم أمر كتبته على؟ فقال: بل كتبته عليك فقال: أسألك كما كتبت على أن تغفر لي (?). فإن كان هذا محفوظًا، فإنما قاله اعترافًا صحيحًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015