واستدلوا على ذلك بأن الرؤية توجب كون المرئي محدثًا وحالًّا في مكان، في شُبَه أُخَر، نقض بعضها مغن عن نقض سائرها، وزعموا أن {نَاظِرَةٌ} في الآية بمعنى منتظرة فيقال لهم: هذا جهل بموضع اللغة؛ لأن النظر في كلام العرب ينقسم أربعة أقسام: يكون بمعنى الانتظار، و (التفكر) (?) والاعتبار، والتعطف والرحمة، ويكون بمعنى الرؤية للأبصار، وإن كان النظر له معان أخر.
قال في "المحكم": نظر إليه يعني: أهلكه، ونظر إليك: قابلك، ونظر الشيء: باعه (?).
وفي "جامع القزاز": نظرت إلى هذا الأمر من نظر القلب مثل نظر العين و (نظرت) (?) فرأت.
وخطأ كونه في الآية بالمعنى الأول وهو الانتظار (?) من وجهين:
أحدهما: أنه عدِّي إلى مفعوله بإلى، وهو إذا كان بمعنى الانتظار لا يتعدى بها، وإنما يتعدى بنفسه قال تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ} [محمد: 18] فعداه بنفسه لما كان بمعنى ينتظرون.
قال الشاعر:
فإنكما إن تنظراني ساعة ... من الدهر تنقضي لديَّ أم جندب
بمعنى: تنتظراني.