فصل:
الحديث الرابع:
حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "إِنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- لَمَّا قَضَى الخَلْقَ، كَتَبَ عِندهُ فَوْقَ عَرْشِهِ: إِنَّ رَحْمَتي سَبَقَتْ غَضَبِي".
في "قضى" قولان: حكم بخلق ما خلق أو أعلم، لقوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الإسراء: 4] أي: أعلمناهم، فكأنه أراد لما سبق في علمه وحكمه أنه يخلق ما يخلق، خلق كتابًا كتب فيه. بمعنى: أنه خلق فيه كتابة دالة على ما أراد أن يكون في المستقبل من الأوقات من الحوادث التي تحدث فيها، وهذا كما في الخبر الآخر: " إن أول شيء خلق الله القلم، ثم خلق اللوح فقال له: اجر بما هو كائن إلى يوم القيامة" (?).
و"فوق عرشه، قيل معناه: دونه استعظامًا أن يكون شيء من الخلق فوق العرش، واحتج قائله: بقوله تعالى: {بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة: 26] أي: فما دونها، والذي قاله المحققون في ذلك: أن المعنى: فما فوقها في الصغر؛ لأن الغرض هنا الصغر، وقيل: (فوق) هنا زائدة كقوله: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ} [الأنفال: 12].