شعبة، عن ناس من أهل حمص، عن معاذ - رضي الله عنه - أنه - عليه السلام - لما بعثه إلى اليمن قال: "كيف تقضي؟ " قال: بكتاب الله. قال: "فإن لم تجد في كتاب الله" قال: فبسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "فإن لم تجد في السنة" قال: أجتهد رأيي. فقال: "الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".
ثم قال الترمذي: لا نعرفه إلا من هذا الوجه وليس إسناده عندي بمتصل (?). ولأبي داود حدثني ناس من أصحاب معاذ عن معاذ ثم ساقه (?) وذكره الخطيب في كتاب "الفقيه والمتفقه" أن الحارث رواه عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ (?). وهذا إسناد جيد فقد أنبأت هذه الأخبار أن معنى قول عمر - رضي الله عنه - السالف: أنه الرأي الذي وصفناه؛ لأنه محال أن يقال: اتهموه واستعملوه؛ لأنهما ضدان ولا يظن ذلك به، ولا بنظرائه يوضحه أيضًا رواية مجاهد (?) عن الشعبي، عن عمرو بن حُريث قال: قال عمر: إياكم وأصحابَ الرأي فإنهم أعداء السنن، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها فقالوا بالرأي فضلوا وأضلوا (?)، وقد تبين هذا من عمر أنه أمر باتهام الرأي فيما خالف أحكام رسوله وسنته، وذلك أنه قال: (أنه) (?) أعداء السنن أعيتهم أن يحفظوها، فأخبر أنه لما أعياهم حفظ سنته، قالوا برأيهم وخالفوها جهلًا منهم بأحكام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسنته وذلك هو الجرأة على الله بما لم يأذن به في دينه والتقدم بين يدي رسوله.