وليت الراهب منها خشيت أن لا يقوم بها، وهذا من حقيقة الإشفاق، وفي هذا كله دلالة على جواز عقد الخلافة من الإمام لغيره بعده، فإن أمره في ذلك على جماعة المسلمين جائز.
فإن قلت: لِمَ جاز للإمام تولية العهد، والإمام إنما يملك النظر في المسلمين حياته ويزول عنه بوفاته، وتولية العهد استخلاف بعد وفاته في وقت زوال أمره وارتفاع نظره وهو لا يملك ذلك الوقت ما يجوز عليه (توليته) (?) أو تنفذ فيه وصيته؟
فالجواب: إنما جاز ذلك لأمور منها إجماع الأمة من الصحابة ومن بعدهم على استخلاف الصديق والفاروق على الأمة بعده، وأمضت الأمة ذلك منه على أنفسها، وجعل عمر- رضي الله عنه - الأمر بعده في ستة فألزم ذلك من حكمه، وعمل فيه على رأيه وعقده، ألا ترى رضا علي - رضي الله عنه - بالدخول في الشورى مع الخمسة وجوابه للعباس بن عبد المطلب حين عاتبه على ذلك، بأن قال: كان الشورى أمرًا عظيمًا من أمور المسلمين، فلم أر أن أخرج نفسي منه (?).
ولما جاز لهم الدخول معه فيه.
ومنها أن المسلمين إنما يقيمون الإمام إذا لم يكن لهم؛ لحاجتهم إليه وضرورتهم إلى إقامته؛ ليكفيهم مؤنة النظر في مصالحهم، فلما لم يكن لهم مع رأيه وأمره فيما يتعلق بمصالحهم رأي ولا نظر فكذلك إقامة الإمام بعده؛ لأنه من الأمور المتعلقة بكافتهم، فكان رأيه في