فلو كان الأمر إليهم لما أوصى بهم، ومما يشهد لصحة هذِه الأحاديث أحتجاج أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - بها على رءوس الأنصار في السقيفة، وما كان من إذعان الأنصار عند سماعها، ورجعوا بعد أن نصبوا الحرب، ولولا علمهم بصحتها لم يلبثوا أن يقدحوا فيها ويتعاطوا ردها، ولا كانت قريش بأسرها تقر كذبًا يدعى عليها؛ لأن العادة جرت فيما لم يثبت من الأخبار أن يقع الخلاف والقدح فيه عند التنازع، ولا سيما إذا احتج به في هذا الأمر العظيم مع إشهار السيوف واختلاط القوم.

ومما يدل على كون الإمام قرشيًّا اتفاق الأمة في الصدر الأول وبعده من الأعصار على اعتبار ذلك، وقد سلف في باب: الرجم للحبلى شيء من هذا المعنى، وادعى بعض المتكلمين: أنه قد يجوز أن تكون الخلافة في سائر قبائل العرب فأبى الجماعة.

فصل:

قال المهلب: وأما حديث ابن عمرو أنه (سيكون ملك من قحطان). فيحتمل أن يكون الملك فيه غير خليفة يتغلب على الناس من غير رضًا به.

وإنما أنكر ذلك معاوية؛ لئلا يظن أن الخلافة تجوز في غير قريش، ولو كان عند أحد علم من ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأخبر به معاوية حين خطب بإنكار ذلك عليهم.

وقد روي في الحديث ما يدل أن ذلك إنما يكون عند ظهور أشراط الساعة، وتغيير الدين.

روى أبو هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015