يكفر أو يدعو إلى بدعة وضلالة فيجوز حينئذ الخروج عليه لا غير، ويدل على صحة هذا القول قوله: "إلا أن تروا كفرًا بواحًا أو صراحًا ظاهرًا" من قولهم: باح بسره. أي: أظهره (?)، وصرح به.
قال الخطابي: ("بواحًا") يريد ظاهرًا باديًا، ومنه قوله: باح بالشيء يبوح به بوحًا وبؤوحًا إذا أذاعه وأظهره (?)، ومن رواه (براحًا) فالبراح بالشيء مثل البواح أو قريبًا منه، وأصل البراح: الأرض (القفر) (?) التي لا أنيس بها ولا بناء فيها. وقال غيره: البراح البيان، يقال: برح الخفاء. أي: ظهر. وفي حديث آخر: "استقيموا لقريش ما استقامت لكم" (?). أي: ما أطاعوا الله.
وقوله: ("عندكم من الله فيه برهان"). يريد نص آية أو توقيفًا يحتمل التأويل مثل: قد جاءكم من ربكم وما دام فعلهم يحتمل وجهًا من التأويل فلا يجوز الخروج عليهم، وقد مثل بعض أحبار المتأخرين من يقوم على السلطان بمن يبني قصرًا ويهدم مصرًا.
وقوله: (استعملت فلانًا ولم تستعملني. قال: "فإنكم سترون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني"). وقال الداودي: هو كلام نفي بعضه، وهذا كلام ليس من الأول، إلا أنه أخبر عن هذا الوجل ممن يرى الأثرة وأوصاهم بالصبر.
قلت: الظاهر أنه كلام وأنه جواب لما ذكر.