فصل:
وما ترجم به هو تفسير للحديث الذي رواه أبو معاوية عن الأعمش، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -أنه - عليه السلام - قال: "الرؤيا لأول عابر" (?). قال أبو عبيد وغيره من العلماء: إذا أصاب الأول وجه العبارة وإلا فهي لمن أصابها بعده، إذ ليس المدار إلا على إصابة الصواب فيما يرى النائم؛ ليتوصل بذلك إلى مراد الله بما ضربه من الأمثال في المنام فإذا اجتهد العابر وأصاب الصواب في معرفة المراد بما ضربه الله في المنام فلا تفسير إلا تفسيره، ولا ينبغي أن يسأل عنها غيره إلا أن يكون الأول قد قصر به تأويله، فخالف أصول التأويل، فللعابر الثاني أن يبين ما جهله ويخبر بما عنده كما فعل الشارع بالصديق هنا، ولو كانت الرؤيا لأول عابر سواء أصاب أو أخطأ ما قال له: "وأخطأت بعضًا".
وقال الكرماني: لا تعبر الرؤيا عن وجهها الذي رُئيت له عبارة عابر ولا غيره، وكيف يستطيع مخلوق أن يعبر ما جاءت به نسخته من أم الكتاب، غير أنه يستحب لمن لم يتدرب في علم التأويل ولا اتسع في التعبير ألا يتعرض لما قد سبق إليه مَن لا يشك في أمانته ودينه وليس له من التجربة فوق تجربته.
فصل:
قال ابن قتيبة: لا ينبغي أن يسأل صاحب الرؤيا عن رؤياه إلا عالمًا ناصحًا أمينًا كما جاء في الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقصص رؤياك