الحنث خاصة، كالرجل يحلف لغريمه وهو معسر: والله ما لك عندي شيء. يعني: في هذا الوقت من أجل عسري، وأن الله قد أنظر إلى الوجود، وكالحالف: هند طالق. وزوجته اسمها ذلك، ونوى أجنبية تسمى به، أو يريد طلاقها إلى موضع سكناها أو من قيد، وكالحالف على أكل طعام وخص طعامًا بعينه، وكالحالف لغريمه وهو يريد شيئًا ما غير ما له عليه، فإن كان الحالف يخاصمه غرماؤه وزوجته وأخذه الغرماء بظاهر لفظه، ولم يلتفتوا إلى نيته في الحكم، وحملوا الكلام على مخرجه، هذا قول مالك وأهل المدينة والشافعي حرق البساط، ولم يجعل له أثرًا.
ومن أجاز التورية إنما فروا من الحنث بمعاريض الكلام، وجعلوا على نيته في يمين لا (يبلغ) (?) بها مال امرئ مسلم ولا يبطل حقه، وإن اقتطع بيمينه مال آخر فلا مخرج له عند أحد من أهل العلم ممن يقول بالتورية وغيرها، ولا يكون ذلك المال حلالًا عندهم، ولا بد من رده إلى صاحبه، ولو جازت التورية لنوى الإنسان عند حلفه في الحقوق غير ما طولب به، ويحل له ما اقتطعه بهذِه اليمين المعرج بها عن طريق الدعوى، ولذلك أنزل الله: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ} [آل عمران: 77] الآية فلما اتفقوا على أنه لا يحل شيء من ذلك المال [لآخذه] (?) علم أن التورية لا تزيل الحنث، وسقط قولهم.