لأن كلا الرجلين المتقاتلين أخ للذي أمره بالنصرة، ونصرة كل واحد منهما لازم له، وقال: فسر - عليه السلام - نصرة الظالم كيف يكفه عن الظلم ولم يأمره بقتل الظالم ولا استباحة دمه، وإنما أراد نصره دون إراقة (?).

قال ابن بطال: وقال لي بعض الناس: معنى قول البخاري: (فلا قود عليه): هو أن يرى رجل رجلاً يريد قتل آخر بغير حق، فإن أمكنه دفعه توجه عليه بضربه بكل ممكن، ولا ينوي بقتاله له إلا الدفع عن أخيه خاصة دون أن يقصد إلى قتل الظالم للمستنصر في تلك المدافعة؛ فهو شهيد، كما لو دافعه عن نفسه سواء، فإن قدر المدافع على دفع الظالم بغير قتال أو بمقاتلة لا يكون فيها تلف نفس وقتله قاصدًا لقتله، فعليه القود، وموضع التناقض الذي ألزمه البخاري لأبي حنيفة في هذا الباب هو أن ظالمًا لو أراد قتل رجل وقال لابن الذي أريد قتله: لتشربن الخمر أو لتأكلن الميتة، إلى آخره، لم يسعه ذلك؛ لأنه ليس بمضطر عنده، ووجهه أن الإكراه إنما يكون فيما يتوجه إلى الإنسان في خاصة نفسه لا في غيره؛ لأنها معاصٍ لله ليس له أن يدفع بها معاصي غيره (وينصر) (?) على قتل أبيه وابنه (فيقاتل) (?) قاتله، ولا إثم على الابن؛ لأنه لم يقدر على الدفع إلا بمعصية تركها ولا يحل له (ذلك) (?)، ألا ترى قوله: (قيل له: لنقتلن أباك ..) إلى آخره؛ لأنه قد تقدم أنه يصبر على قتل أبيه أو ابنه أو ذي رحمه، ولا يشرب الخمر ولا يأكل الميتة، فعلى هذا ينبغي ألا يلزمه كل ما عقد على نفسه من عقد، ولا يجوز له القيام في شيء منها كما لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015