فصل:
ومعنى حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -: "من أحسن في الإسلام" بالتمادي عليه ومحافظته والقيام بشروطه "لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية" ذكره المهلب. وقام الإجماع على أن الإسلام يجبُّ ما قبله (?).
قال: ومعنى قوله: "ومن أساء في الإسلام" أي: في عقده والتوحيد بالكفر بالله، فهذا يؤاخذ بكل كفر سلف له في الجاهلية والإسلام، ولا تكون الإساءة إلا الكفر؛ لإجماع الأمة أن المؤمنين لا يؤاخذون بما عملوا في الجاهلية.
وقال الخطابي: ظاهره خلاف ما أجمعت عليه الأمة من أن الإسلام يجبُّ ما قبله، بقوله: {إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] وتأويله إذا أسلم مرة لم يؤاخذ بما كان سلف من كفره، ولم يعاقب عليه، فإن كان أساء في الإسلام غاية الإساءة، وارتكب أكبر المعاصي ما دام تائبًا على الإسلام، وإنما يؤاخذ بما جاءه من المعصية في الإسلام، ويغفر ما كان منه في الكفر، ويبكّت به، يقال: أليس قد فعلت كيت وكيت وأنت كافر، هل منعك إسلامك معاودة مثله إذا أسلمت، ثم يعاقب عقوبة مسلم، ولا يخلد في النار (?).
وقال أبو عبد الملك: إن من أسلم إسلامًا صحيحًا لا نفاق فيه ولا شك لم يؤاخذ للآية السالفة.
ومعنى "من أساء في الإسلام" أي أسلم رياء وسمعة فهو منافق يؤاخذ بالأول والآخر.