وما ذكره البخاري عن حماد وشريح والشعبي أنهم كانوا لا يضمنون النفحة إلا أن تنخس الدابة. فعليه أكثر العلماء؛ لأن ما فعلته من أذى ذلك فهي جناية راكبها أو (سائقها) (?)؛ لأنه الذي ولد لها ذلك.
قال مالك: فإن رمحت من غير أن يفعل بها شيئًا ترمح له، فلا ضمان عليه (?). وهو قول الكوفيين والشافعي.
وأما قول ابن سيرين: كانوا لا يضمنون النفحة ويضمنون من رد العنان. فالنفحة: ما أصابت برجلها أو ذنبها فقالوا: لا ضمان وإن كان بسببه، وبين ما أصابت بيدها أو مقدمها فقالوا: عليه الضمان.
ولم يفرق مالك والشافعي بين الكل في وجوب الضمان على الراكب والقائد والسائق إذا كان ذلك من نخسه أو كبحه، وذكر الداودي أن قول ابن سيرين مثل قول مالك، وليس الأمر كذلك. إلا أن يكون رأى في ذلك شيئًا، فليس هو المعروف عنده (?).
خاتمة:
حاصل ما للعلماء فيما تفسده البهائم إذا انفلتت ليلاً أو نهارًا، ثلاثة مذاهب: الضمان مطلقًا، وهو مذهب الليث.
وعدمه مطلقًا، إلا أن يكون له فعل فيها، وهو مذهب الكوفيين.
ثالثها: التفصيل بين ما أفسدته نهارًا فلا ضمان، إلا أن يكون صاحبها معها ويقدر على منعها، وبين ما أفسدته ليلاً فضمانه على أرباب المواشي، قاله مالك والشافعي (?).