وإنما قال مالك في حافر البئر في الطريق أو يربط دابته فيما لا يجوز له أنه ضامن؛ لأنه لم يفعله لقتل أحد. وفي رواية ابن وهب عن مالك فيمن برد قصبًا أو عيدانًا يجعلها على بابه لتدخل في رِجْلِ الداخل سارق أو غيره أنه يضمن، وإنما جعل فيه الدية؛ لأنه جعله في ملكه. وقال الشافعي وأبو حنيفة وصاحباه: له أن يحدث في الطريق ما لا يضر به، قالوا: وهو ضامن لما أصابه (?).

قال ابن عبد البر: وقوله - عليه السلام -: "البئر جبار" يدفع الضمان عن ربها في كل ما يسقط فيها بغير صنع آدمي (?).

وقال أبو عبيد (?): وقوله: "البئر جبار" هي البئر العادية القديمة التي لا يعرف لها حافر ولا مالك، تكون في البوادي يقع فيها شيء، فذلك هدر إذا حفرها في ملكه أو حيث يجوز له حفرها فيه؛ لأنه صنع من ذلك ما يجوز له فعله.

قال مالك: والذي يجوز له من ذلك البئر يحفرها للمطر، والدابة ينزل عنها الرجل لحاجة فيقفها على الطريق، فليس على أحد في هذا غرم، وإنما يضمن (إذا فعل) (?) من ذلك ما لا يجوز له أن يصنعه على الطريق، فما أصابت من جرح أو غيره، وكان عقله دون ثلث الدية فهو في ماله، وما بلغ الثلث فصاعدًا فهو على العاقلة، وبهذا كله قال الشافعي وأبو ثور، وخالف في ذلك أبو حنيفة وأصحابه فقالوا: من حفر بئرًا في موضع يجوز له ذلك فيه، أو وقف فيه دابة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015