وروي عن أبي الدرداء: قال عبد الله بن رواحة: إنما مثل الإيمان مثل قميص بينما أنت وقد نزعته إذ لبسته، وبينما أنت قد لبسته إذ نزعته.
وعن يزيد بن أبي حبيب، عن سالم بن عمر، سمع أبا أيوب يقول: إنه لتمُرُّ على المرء ساعة وما في جلده موضع إبرة من إيمان، وتمر به ساعة وما في جلده موضع إبرة من نفاق. وعلى هذِه المقالة أن الإيمان هو التصديق، غير أن التصديق معنيان: قول وعمل، فإذا ركب كبيرة فارقه اسم الإيمان، كما يقال للاثنين إذا افترقا، فالإيمان التصديق الذي هو الإقرار، والعمل الذي هو اجتناب الكبائر، وإذا ألقيت عاد إليه؛ لأنه مجتنب ومصدق (?). وقيل هو على المفارقة. أي: يكاد من عظيم أن يفارقه، والشيء يسمى باسم ما قاربه، وقال تعالى {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} [البقرة: 234] أي: قاربن، وقيل معنى مؤمن: أمن من عذابه، وقال بعض الخوارج والرافضة والإباضية هم نوع من الخوارج: من فعل شيئا من ذلك فهو كافر خارج من الإيمان؛ لأنهم يكفرون المؤمن بالذنوب ويوجبون عليه التخليد في النار بالمعاصي، ومن حجتهم ظاهر حديث الباب "لا يزني وهو مؤمن".
وقال أبو هريرة: الإيمان فوقه هكذا، فإن هو تاب راجعه الإيمان، وإن أصر ومضى فارقه (?).
وقال أبو صالح، عنه: ينزع منه فإن تاب رد عليه (?)، قالوا: ومن نزع منه الإيمان فهو كافر؛ لأنه لا منزلة بين الإيمان والكفر، ومن لم يكن مؤمنًا فهو كافر، وجماعة أهل السنة وجمهور الأمة على خلافهم.