فصل:
قد أسلفنا في الصوم أنه يجزئ الكافرة والصغيرة عند أبي حنيفة وأصحابه، وهو قول الكوفيين وأبي ثور، وكذا المعيبة عند داود، فإن مالكًا والشافعي وأحمد يشترطون الإيمان، وكذا الأوزاعي، قال الكوفيون: فندب به في كفارة قتل الخطأ خاصة دون كفارة اليمين والظهار، فلا تقاس الرقبة كما لم يقس الصوم المطلق على المتتابع، وكما لم يجعل الإطعام في القتل بدلاً من الصوم قياسًا على الظهار، أجاب الأكثرون يحمل المطلق على المقيد، فإن علة التقييد كونها كفارة، فألحق (بها) (?) مالم يقيد.
ألا ترى أن الله تعالى شرط العدالة في الشهادة، حيث قال: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] وقال في موضع آخر {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282] ولم يختلف العلماء في أن العدالة من شرط الإشهاد في التبايع، فوجب أن تكون مثل ذلك في الرقبة، فلما قيدت في موضع استغني عن إعادتها في غيره. ألا ترى أنه - عليه السلام - إنما حضَّ على عتق المؤمن لأنه أزكى وأطهر. ولم يختلف العلماء في جواز عتق الكافر في التطوع، واحتج مالك في ذلك بقوله تعالى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] فالمن: العتق للمشركين، وقد مَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جماعة منهم (?)