جَاءَكُمْ أَمِيرٌ فَضَرَبَ لكم مُدًّا أَصْغَرَ مِنْ مُدِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بِأَيِّ شَيْءٍ كُنْتُمْ تُعْطُونَ؟ قُلْتُ: كُنَّا نُعْطِي بِمُدِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ: أَفَلاَ تَرى أَنَّ الأَمْرَ إِنَّمَا يَعُودُ إلى مُدِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ثالتها: حديث أَنَسٍ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ في مِكْيَالِهِمْ وَصَاعِهِمْ وَمُدِّهِمْ".
الشرح:
الحديث الأول يدل على أن مدهم ذلك الوقت حين حدَّث به السائل زنته أربعة أرطال، فإذا زيد عليه (ثلثه) (?) -وذلك رطل وثلث- قام منه خمسة أرطال وثلث وهو الصاع بالبغدادي، بدليل أن مده - عليه السلام - فيه رطل وثلث، وصاعه أربعة أمداد بمده - صلى الله عليه وسلم -.
وأما مقدار ما زيد عليه في زمن عمر بن عبد العزيز فلا يعلم ذلك إلا بخبر، وإنما الحديث يدلس أن مدهم ثلاثة أمداد بمده، ووصف ابن عمر المد بالأول ليفرق بينه وبين مد هشام بن الحارث الذي أخذ به أهل المدينة في كفارة الظهار؛ ليغلظها على المظاهرين الذين شهد عليهم أنهم يقولون منكرًا من القول وزورا، فجعلوها بمد هشام، وهو أكبر من مده - عليه السلام - بثلثي مد، ولم يكن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا مد واحد، وهو الذي نقله أهل المدينة، وعمل به الناس إلى اليوم قرنًا بعد قرن، وجيلاً بعد جيل، وإجماع أهل المدينة (حجة) (?) عند مالك، ومن ذلك: فضل الأذان والإقامة، وتقديم أذان الصبح قبل وقتها، وترك أخذ الزكاة من الخضروات، وقد رجع أبو يوسف بمثل هذا في تقدير