وقد اختلف السلف في ذلك، فروي عن ابن عباس أن (لغو) (?) اليمين هو اليمين في الغضب ولا كفارة فيها، قال ابن حزم: وهو قول لا دليل على صحته، بل البرهان قائم بخلافه، كما روينا من طريق البخاري، فذكر حديث أبي موسى: وافقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو غضبان، فاستحملناه فحلف أن لا يحملنا. الحديث، فصح وجوب الكفارة في اليمين مع الغضب. قال تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ} الآية [المائدة: 89]. والحالف في الغضب معقد ليمينه فعليه الكفارة.
فأما النهي في المعصية، فروى أبو البختري: أن رجلاً ضافه رجل، فحلف أن لا يأكل، فحلف الضيف أن لا يأكل. فقال ابن مسعود: كُلْ وإني لأظن أحب إليك أن تكفر. فلم ير الكفارة في ذلك إلا استحبابًا، وعن ابن عباس: أنه حلف أن يجلد غلامه مائة جلدة (ثم لم يجلده) (?)، فقيل له في ذلك فقال: ألم تر ما صنعت؟ تركته، فذاك بذاك.
وعن سليمان الأحول أنه قال: من حلف على ملك يمينه فكفارته أن لا يضربه، وهو مع الكفارة حسنة (?). وعن إبراهيم فيمن حلف أن يضرب مملوكه فقال: لأن يحنث أحب إليّ من أن يضربه (?). وقال المعتمر: حلفت أن أضرب مملوكًا لي، فنهاني أبي ولم يأمرني بكفارة.