وذكر ابن الجلاب عنه أنه قال مرة: لا يجزئ، وقيل: يجزئ إن كانت يمينه بالله تعالى، ولا يجوز إن كانت بغيره من طلاق أو عتق أو مشي أو صدقة، يريد ما لم تكن يمينه بعتق معين، أو ناجز طلقة في امرأته.
وأجاز مالك فيمن كان يستثني في يمينه على حنث، فقال: لأفعلن، ولم يضرب أجلاً، أن يقدم الكفارة.
وقال ابن الماجشون في "ثمانية أبي زيد"، فيمن حلف بالله ليتصدقن بدينار، فأراد أن يحنث نفسه، فيكفر ولا يتصدق: لا يخرجه حتى يحنث، واليمين عليه كما هي.
قال: وهذا لا يتبين حنثه حتى يموت، قيل: وإجراؤها قبل الحنث أحسن؛ لقوله: "فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير" (?).
وروي: "فليأت الذي هو خير وليكفر" (?)، وكلاهما يتضمن الجواز؛ لأن الواو لا تقتضي الترتيب، فتركهم على مقتضاها، وتقدم الخلاف: أيهما أحب، الكفارة أو الحنث؟ ولو كان تقديمها غير جائز لأبانه وقال: فليفعل، ثم يكفر. إذ لا يجوز التأخير عن الحاجة، والفاء في قوله: "فكفر"، وفي قوله: "فليأت الذي هو خير ويكفر" (?). إنما أبان ما يفعله بعد اليمين، وهما سيان، كفارة وحنث، كالقائل: إذا دخلت الدار فكل واشرب. ولم يقدم بعد الدخول أحدهما على الآخر مثل: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} [المائدة: 6] وستأتي المسألة مبسوطة قريبًا.