وغرضه في الباب الرد على الجهمية في قولهم: إن الله لا يعلم أفعال العباد حَتَّى يعملوها، تعالى الله عن قولهم، فرد الشارع ذَلِكَ من قولهم، وأخبر في هذا الحديث أن الله يعلم ما لا يكون أن لو كان كيف كان يكون، ومصداق هذا الحديث في قوله تعالى: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} [الأنعام: 28] وقال في آية أخرى {وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23)} [الأنفال: 23] فإذا ثبت بهاتين الآيتين المصدقتين لحديثه - عليه السلام - أنه يعلم ما لا يكون

لو كان كيف كان يكون، فأحرى أن يعلم ما يكون وما قدره وقضاه في كونه، وهذا يقوي ما يذهب إليه أهل السنة: أن القدر هو علم الله وغيبه الذي استأثر به، فلم يطلع عليه ملكًا مقربًا، ولا نبيًّا مرسلاً، وروى روح بن عبادة، عن حبيب بن الشهيد، عن محمد بن سيرين قال: ما ينكر هؤلاء -يعني: الصفرية- أن يكون الله تعالى علم علمًا، فجعله كتابًا (?)، وقد قيل: إن بعض الأنبياء كان يسأل الله تعالى عن القضاء والقدر فمحي من النبوة.

وروى ابن عباس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا ذكر القدر فأمسكوا" (?) وقال بلال بن أبي بردة لمحمد بن واسع، ما تقول في القضاء والقدر؟ فقال: أيها الأمير إن الله تعالى لا يسأل عباده يوم القيامة عن قضائه وقدره، وإنما يسألهم عن أعمالهم (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015