وفي (رواية) (?) أخرى: {يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا} [يس: 52] وهذا كلام، وهو يضاد البكم، والتعارف تخاطب وهو مضاد للصمم والبكم معًا.
وقال تعالى: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6)} [الأعراف: 6]، والسؤال لا يكون إلا بإسماع أو لناطق يتسع للجواب.
وقال: {وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا} [طه: 102]، وقال: {فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ} [يس: 51]، وقال: {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُون} [المعارج: 43]، والنسلان، والإسراع يخالفان الحشر على الوجوه.
والجواب عن هذا أن يقال: الناس إذا جيئوا وبعثوا من قبورهم، فليست حالتهم واحدة ولا مقامهم ولا موقفهم واحد.
وجملة ذَلِكَ أنها خمسة أحوال: حالة بعث من القبور، وحال سوق إلى موضع الحساب، وحال محاسبة، وحال سوق إلى دار الجزاء، وحال مقامهم في الدار الذي يستقرون فيها.
فأما الأول: (فإن الكفار) (?) يكونون كاملي الحواس والجوارح؛ لقوله تعالى: {يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ} [يونس: 45]، وقوله: {يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا} [طه: 103]، وقوله: {فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ} [الصافات: 19] وقوله: {كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ} إلى قوله: {يُرْجَعُونَ} [المؤمنون: 112 - 115].
والثاني: وهم أيضًا في هذِه الحالة بحواس تامة، كقوله تعالى: