وفي قوله: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10] وخصوصه إياهم من الأجر على صبرهم دون سائر من ضمن له ثوابًا على عمله ما يبين عن فضل الصبر، وقد روى الأعمش عن أبي الزبير عن جابر - رضي الله عنه - رفعه: "يود أهل العافية يوم القيامة أن جلودهم في الدنيا كانت تقرض بالمقاريض لما يرون من ثواب الله لأهل البلاء" (?).

وذكر ابن أبي الدنيا من حديث أم هانئ - رضي الله عنها - قالت: دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أبشري فإن الله قد أنزل لأمتي الخير كله، إن الحسنات يذهبن السيئات" قلت: بأبي وأمي، وما الحسنات؟ قال: "الصلوات الخمس". ودخل عليَّ فقال: "أبشري فإن الله قد نزل خيرًا لا شر بعده" قلت: بأبي وأمي، ما هو؟ قال: "أنزل الله {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}، فقلت: يا رب، زد أمتي".

فألْزل الله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ} [البقرة: 261] فقلت: "يا رب، زد أمتي". فأنزل الله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (?) [الزمر: 10].

وروى الطبراني من حديث الحسن، (عن جده)، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن في الجنة شجرة يقال لها: شجرة البلوى، يؤتى بأهل البلاء يوم القيامة، فلا يرفع لهم ديوان ولا ينصب لهم ميزان، فيصب عليهم الأجر صبًّا" ثم قرأ: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015