ولا يؤجر عليه" (?). فأما من بني ما يحتاج إليه ليكنه من الحر و (البرد) (?) فمباح له ذلك، وكذلك فعل السلف؛ ألا ترى قول ابن عمر - رضي الله عنهما -: (بنيت بيدي بيتًا يكنني من المطر ..) إلى آخره، وقد روي مثل ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ذكر الطبري، عن الحسن، عن حمران بن أبان، عن عثمان بن عفان أنه - عليه السلام - قال: "كل شيء سوى جلف هذا الطعام - (يعني: كثير الطعام) (?) - وهذا الماء وبيت يقله وثوب يستره، فليس لابن آدم فيه حق" فأباح من البناء ما يقيه أذى الشمس والمطر اللذين لا طاقة لأحد باحتمال مكروههما، كما أباح من الغذاء ما به قوام بدنه، من مطعم أو مشرب، ومن الملبس ما يستر عورته، وما زاد على ذلك فلا حق له فيه، يعني: إذا لم يصرفه في الوجوه المقربة له إلى الله تعالى فإذا فعل ذلك فله الحق في أخذه وصرفه في حقه.

وروى ابن وهب وابن نافع عن مالك قال: كان سلمان يعمل الخوص بيده، وهو أمير، ولم يكن له بيت إنما كان يستظل بالجدر والشجر وأن رجلاً قال له: ألا أبني لك بيتًا تسكن فيه؟ فقال: ما لي به حاجة فما زال به الرجل حتى قال: أعرف البيت الذي يوافقك قال: فصفه لي قال: أبني لك بيتًا إذا قمت فيه أصاب رأسك سقفُه وإن أنت مددت فيه رجليك أصابهما الجدار. قال: نعم كأنك كنت في نفسي والله أعلم.

آخر كتاب الاستئذان بحمد الله ومنِّه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015