وأضعف الوجوه أن تكون الهاء كناية عن الله من قبل أن الضمير يعود إلى أقرب مذكور إليه، إلا أن تدل دلالة على خلاف ذلك، وعلى هذا التأويل معنى الصورة معنى الصفة، كما يقال: عرفني صورة هذا (الآدمي) (?)، أي: صفته ولا صورة للأمر على الحقيقة، (إلا على معنى الصفة) (?) ويكون تقدير التأويل: أن الله خلق آدم على صفته، أي: خلقه حيًّا عالما سميعًا بصيرًا متكلمًا مختارًا مريدًا، فعرفنا بذلك إسباغ نعمة الله عليه وتشريفه بهذِه الخصال.
ونظرنا في الإضافة إلى الله فوجدناها على وجوه: منها: إضافة الفعل كما يقال: خلق الله، وأرض الله، وسماء الله. وإضافة الملك كما يقال: رزق الله، وعبد الله. وإضافة اختصاص وتنويه بذكر المضاف إليه كقولهم: الكعبة بيت الله. وكقوله: {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} [الحجر: 29] ووجه آخر من الإضافة نحو قولهم: كلام الله وعلمه وقدرته. وهي إضافة اختصاص من طريق القيام به، وليس من جهة الملك والتشريف، بل ذلك على معنى أن ذاته [غير] (?) متعرية منها قيامًا بها ووجودًا، ثم نظرنا إلى إضافة الصورة إلى الله تعالى، فلم يصح أن يكون وجه إضافتها إليه على نحو إضافة الصفة إلى الموصوف بها، من حيث تقوم به؛ لاستحالة أن يقوم بذاته حادث، فبقي من وجوه الإضافة: الملك والفعل والتشريف. فأما الأولان فوجهه عام وتبطل فائدة التخصيص فبقي الثالث، وطريق ذلك أن الله هو الذي ابتدأ تصوير آدم لا على مثال سبق، بل اخترعه ثم اخترع