وقوله: (مخصفة أو حصير) يعني: ثوبًا أو حصيرًا، قطع به مكانًا من المسجد (واستتر مكانه) (?)، ومنه: الخصفة -بالتحريك- ما يعمل خلال الشيء ويكون ذَلِكَ من سعف (المقل) (?) وغيره. والعرب تقول: خصفت النعل خصفًا: طبقتها في الخرز بالمخصف، وهو الإشغاء، وخصفت على نفسي ثوبًا: جمعت بين طرفيه (بعود) (?) وفي التنزيل: {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} [الأعراف: 22] عن صاحب "الأفعال" (?).
وغضبه عليهم إشفاقًا على أمته أن يكتب عليهم ما لا يقومون به، وقد حكى الله عن أقوام ألزموا أنفسهم طاعة فلم يوفوا بها فذمهم الله بقوله: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا} [الحديد: 27] الآية.
(وحصبوا الباب) أي: رموه بالحصباء.
ومعنى: ("ظننت أنه سيكتب عليكم"): خفت.
وفيه: أن الفرض فعله في المسجد أفضل بخلاف النفل؛ خوف الرياء. وقيل: يجعل من فرضه في بيته لقوله - عليه السلام -: "اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورًا" (?) وهو محمول على النافلة، واحتج به أيضًا من قال: علي المشي إلى مكة أو مسجد المدينة أو إيلياء، أنه لا يلزمه أن يصلي فيهن، وهو مذهب مالك.