فدل ذَلِكَ أن أمره ونهيه في هذا الحديث على الوجوب، وقال أبو الدرداء: ألا أخبركم بخير لكم من الصدقة والصيام صلاح ذات البين، وإن البغضة هي الحالقة (?)؛ لأن في تباغضهم افتراق كلمتهم وتشتت أمرهم، وفي ذَلِكَ ظهور عدوهم عليهم ودروس دينهم.
وفيه: النهي عن الحسد على النعم، وقد نهى الله عباده المؤمنين عن أن يتمنوا ما فضل الله به بعضهم على بعض، وأمرهم أن يسألوه من فضله. وسنزيد فيه في باب النهي -إن شاء الله- وقد أجاز الشارع الحسد في الخير كما مضى، ويأتي.
وفيه: النهي عن التجسس وهو البحث عن بواطن الأمور للناس، وأكثر ما يقال ذَلِكَ في الشر. وقال ابن الأعرابي وأبو عمرو الشيباني: الجاسوس: صاحب الشر، والناموس: صاحب الخير.
قال الخطابي: وأما (بالحاء) (?) فقيل كالجيم، وبه قرأ الحسن الآية، ومنهم من فرق بينهما فقيل: بالجيم البحث عن عورات المسلمين، (وبالحاء: الاستماع لحديث القوم. ورواه الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير) (?)، وقيل: بالحاء أن تطلب لنفسك، وبالجيم: أن تكون رسولاً لغيرك، قاله أبو عمرو (?).
وقال ابن وهب: بالجيم إذا تخبرها من غيره، وبالحاء إذا تولاها بنفسه، وقيل: اشتقاقه من الحواس؛ ليدرك ذَلِكَ بها، وقيل: بالجيم: في الشر خاصة، وبالحاء فيه وفي الخير.