فقال بعضهم: الخلق حسنه وقبيحه جبلة في العبد كلونه وبعض أجزاء جسمه، وقد أسلفنا ذلك مختصرًا.

ذكر من قال ذلك: روي عن ابن مسعود أنه ذكر عنده رجل فذكروا من خلقه، فقال: أرأيتم لو قطعتم رأسه أكنتم تستطيعون أن تخلقوا (?) رأسه؟ قالوا: لا. قال فلو قطعتم يده أكنتم تخلقون (?) له يدًا؟ قالوا: لا. قال: فإنكم لن تستطيعوا أن تغيروا خلقه (?). وقال ابن مسعود: فرغ من أربعة: الخَلق والخُلق والرزق والأجل (?).

وقال الحسن: من أعطي حسن الصورة وخُلقًا حسنًا وزوجة صالحة فقد أعطي خير الدنيا والآخرة. واعتلوا بما رواه الهمداني عن ابن مسعود، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله تعالى قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم" (?) قالوا: فهذا الحديث يبين أن الأخلاق من إعطاء الله عباده، ألا ترى تفاوتهم فيه كتفاوتهم في الجبن والشجاعة، والبخل والجود، ولو كان الخلق اكتسابًا للعبد لم تختلف أحوال الناس فيه، ولكن ذلك غريزة.

فإن قلت: فإن كان كذلك فما وجه ثواب الله على حسن الخلق إن كان غريزة؟ قيل: إنه لم يُثِبْ على خلقه ما خلق وإنما أثابه على استعماله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015