على نفسه ويتصدق من ذلك ولا يكون عيالًا على غيره.
وقال مالك بن دينار: قرأت في التوراة: طوبى للذي يعمل بيده ويأكل، طوبى لمحياه وطوبى لمماته. وروي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: يا معشر القراء خذوا طريق من كان قبلكم وارفعوا رءوسكم ولا تكونوا عيالًا على المسلمين.
وفيه: أن المؤمن إذا لم يقدر على باب من أبواب الخير ولا فتح له فعليه أن ينتقل إلى باب آخر يقدر عليه، فإن أبواب الخير كثيرة، والطريق إلى مرضاة الله غير معدومة، ألا ترى تفضل الله على (عبده) (?) حين جعل له في حال عجزه عن الفعل عوضًا من القول، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، جُعل عوضًا من ذلك لمن لم يقدر على الإمساك عن الشر صدقة.
قال المهلب: وهذا يشبه الحديث الآخر: "من هم بسيئةٍ فلم يعملها كتبت له حسنة" (?)، وفيه حجة لمن جعل الترك عملًا وكسبًا للعبد بخلاف من قال من المتكلمين أن الترك ليس بعمل، وقد فسر الشارع ذلك بقوله: "فليمسك عن الشر، فإنه له صدقة" (?).
وقال الكعبي: ليس في الشرع مباح وليس إلا ما هو مأجور عليه أو عاص، ومتى اشتغل بشيء عن معصيته فهو مأجور.
والجماعة على خلافه، وألزم بأنه يلزمه أن يجعل الزاني مأجورًا؛ لأنه يشتغل به عن معصية أخرى.