الوعيد، لأنه لم يقتل نفسه غير أنه يكره ذلك؛ لما روى الترمذي من حديث مجاهد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الدواء الخبيث. قال أبو عيسى: يعني: السم (?).

وقد تعلق بقوله: ("خالدًا مخلدًا في النار") من أنفذ الوعيد على القاتل، وهو قول روي عن قوم من الصحابة -يأتي في الديات- وجمهور التابعين وجماعة الفقهاء على خلافه، ولا يجوز عندهم إنفاذ الوعيد على القاتل، وأنه في المشيئة لحديت عبادة بن الصامت الآتي.

فإن قلت: ظاهر حديث الباب يدل على أنه مخلد في النار. قلت: هذا قول تقلده الخوارج وهو مرغوب عنه، ومن حجة الجماعة أن لفظ التأبيد في كلام العرب لا يدل على ما توهموه، وقد يقع الأبد على المدة من الزمان التي قضى الله -عَزَّ وَجَلَّ- فيها بتخليد القاتل إن أنفذ عليه الوعيد، ومنه: خلد الله ملكه أبدا. وذلك أن العرب تجمع الأبد على آباد، كما تجمع الدهر على دهور، فإن كان الأبد عندها واحد الآباد لا يدل الأبد على ما قالوه، ويدل على صحة هذا إجماع المؤمنين كلهم غير الخوارج على أنه يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان، وأنه لا يخلد في النار بالتوحيد مع الكفار، فسقط قولهم (?).

ومنهم من حمل الحديث على من فعله مستحلًا مع علمه بالتحريم فإنه كافر. وقيل: إنه - صلى الله عليه وسلم - قاله في رجل بعينه كافر، فحمله الناقل على ظاهره، وحديث: "يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان" (?)،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015