وزعم بعض المعتزلة أن قوله: ("لا طيرة") يعارض قوله: ("الشؤم في ثلاث")، وهو تعسف وبعد عن العلم، فحديث الطيرة مخصوص بحديث الشؤم، فكأنه قال: لا طيرة إلا في هذِه الثلاثة لمن التزم الطيرة، يوضحه حديث زهير بن معاوية، عن عتبة بن حميد، عن عبد الله بن أبي بكر أنه سمع أنسا يقول: قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا طيرة، والطيرة على من تطير، وإن تكن في شيء ففي الدار والمرأة والفرس" أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (?).

وفي "مسند أبي الدرداء" لإبراهيم بن محمد بن عبيد: شؤم الفرس: أن لا يحمل عليها في سبيل الله. وقد سلف، فبان بهذا الحديث أن الطيرة إنما تلزم من تطير بها، وأنها في بعض الأشياء دون بعض، وذلك أن أهل الجاهلية كانوا يقولون: الطيرة في هذِه الثلاثة، فنهاهم - صلى الله عليه وسلم - عن الطيرة فلم ينتهوا، فبقيت في الثلاثة التي كانوا يلتزمون التطير فيها، ومثله قوله تعالى: {إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ} {قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ} أي: حظكم من الخير والشر معكم ليس هو من شؤمنا، وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - في الدار: "اتركوها ذميمة" (?) فإنما قال ذلك لقوم علم منهم أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015