وقال قتادة من حديث أبي سعيد: "صدق القرآن وكذب بطن أخيك" (?) وفي البخاري عن قتادة: "صدق الله". وقال بعضهم المعنى: فيه شفاء لبعض الناس، وتأولوا الآية وحديثي جابر وأبي سعيد على الخصوص، وقالوا: الحجامة وشرب العسل والكي إنما هو شفاء لبعض الأمراض دون بعض. ألا ترى قوله: "أو لذعة بنار توافق الداء" فشرط - صلى الله عليه وسلم - موافقتها للداء فدل هذا أنها إذا لم توافق الداء فلا دواء فيها.

وقد جاء في القرآن ما لفظه لفظ العموم والمراد به الخصوص كقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)} يريد المؤمن، كقوله: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} أي: خلقنا. وقال تعالى في بلقيس: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} ولم تؤت ملك سليمان، ومثله كثير.

وقال المازري: هذا الكلام من بديع صناعة الطب، وذلك أن سائر الأمراض الامتلائية إما أن تكون دموية أو صفراوية أو سوداوية أو بلغمية، فالأول: شفاؤه إخراج الدم، والباقي: الإسهال بما يليق بالخلط منها فكأنه نبه بالعسل على المسهلات وبالحجامة على الفصد (وضع) (?) العلق وغيرهما مما في معناهما.

وقد قال بعضهم: الفصد يدخل في قوله: "شرطة محجم"، وإذا أعيا الداء فآخر الطب الكي، فذكره في الأدوية؛ لأنه يستعمل عند غلبة الطباع لقوى الأدوية وحيث لا ينفع الدواء المشروب، فيجب أن يُتأمل ما في كلامه من هذِه (الأساليب) (?) وتعقيبه بقوله: "لا أكتوي" إشارة إلى أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015