وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: ("وَمَنْ رَآنِي فِي المَنَام فَقَدْ رَآنِي، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ فِي صُورَتِي"). وجاء في موضع آخَر: "ومن راَني فقد رأى الحق" (?).
وجاء أيضًا: "فسيراني في اليقظة" (?) وجاء أيضًا: "فكأنما رآني في اليقظة" (?). وجاء أيضًا: "فإنه لا ينبغي للشيطان أن يتشبه بي" (?) وهو تفسير للأولى واختلف في تأويله، فقال القاضي أبو بكر الباقلاني: إنها صحيحة وليست بأضغاث أحلام (?).
وقال غيره: معناه: رآه حقيقة (?). وفي قول ثالث: إنه إن رآه عَلَى صفته فهو حقيقة، وإن رآه عَلَى غيرها فهو رؤيا تأويل لا حقيقة، قاله ابن العربي والقاضي وضعفه النووي وصوب الثاني (?).
ومعنى: "فسيراني" أي: يرى تفسيره؛ لأنه حق، أو يراه في القيامة، أو المراد أهل عصره ممن لم يهاجر فتكون الرؤية في المنام علمًا لَهُ عَلَى رؤيته في اليقظة أقوال. وخص - صلى الله عليه وسلم - بذلك لئلا يكذب عَلَى لسانه في النوم، كما منعه أن يتصور في صورته في اليقظة؛ إكرامًا له، وقد ذكرت فروعًا فقهية تتخرج عَلَى ذَلِكَ في "الخصائص" (?) فراجعها منه.