فصل:
ادعى المهلب الإجماع على أن نفقة الأهل والعيال واجبة، والحديث ظاهر فيه، وكذا قوله: "وابدأ بمن تعول" ولم يذكر إلا الصدقة، دل على أن نفقته على من يعول من أهلٍ وولدٍ محسوب له في الصدقة، وإنما أمرهم الله ببداءة الأهل، خشية أن يظنوا أن النفقة على الأهل لا أجر لهم فيها، فعرفهم أنها لهم صدقة، حَتَّى لا يخرجوها إلى غيرها إلا بعد أن يقوتوهم (?).
فصل:
وقوله: ("ابدأ بمن تعول") إنما قاله؛ لأن حق نفس المرء عليه أعظم من حق كل أحد بعد الله. إذا صح ذَلِكَ، فلا وجه لصرف ما هو مضطر إليه إلى غيره، إذا كان ليس لأحد إحياء غيره بإتلاف نفسه وأهله، وإنما له إحياء غيره بغير إهلاك نفسه وولده وأهله، إذا فرض عليه النفقة عليهم وليست النفقة على غيرهم فرضًا عليه، ولا شك أن الفرض أولى لكل أحد من إيثار التطوع عليه.
فصل:
وفيه: أن النفقة على الولد ما داموا صغارًا فرض عليه؛ لقوله (إلى من تدعني). وكذلك نفقة العبد والخادم (للمرأة) (?) واجبة عليه قلت: وكذا يدل له "ابدأ بمن تعول" أيضًا، بل أولى في الدلالة؛ لأنه من عياله.