ومعنى (تَجَلاَّني): علاني، وأصله تجللني، وجُلُّ الشيء وجلالُهُ: ما غطي به، وذلك لطول القيام وكثرة الحر، ولذلك قالت: فجعلت أصب عَلَى رأسي الماء.

وفيه: أن الغشي الخفيف لا ينقض الطهارة. وقد عقد لَهُ البخاري بابًا كما ستعلمه في الطهارة.

وقوله: (إِلَّا رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِي حَتَّى الجَنَّةُ وَالنَّارُ) يحتمل أن الرؤية رؤيا عين ولا مانع منه، ويحتمل أن يكون رؤية علم ووحي ممثلًا له، ويدل لَهُ رواية أنس في البخاري: "الجنة والنار ممثلنين في قبلة هذا الجدار" (?).

وفي مسلم: "صوِّرتا لي فرأيتُهما" (?)، والأول أشبه لقوله في بعضها: "فتناولت منها عنقودًا" وتأخره مخافة أن تصيبه النار.

وفيه: أن الجنة والنار مخلوقتان الآن؛ وهو مذهب أهل السنة، وسيأتي بسط ذَلِكَ في باب صفة الجنة والنار -إن شاء الله ذَلِكَ وقدره- وهي خارجة عن أقطار السموات والأرض وسقفها عرش الرحمن، والمراد بعرضها في قوله تعالى: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} [آل عمران: 133] السعة، كما قيل، لا ضد الطول.

وقوله: (مِثْلَ أوْ- قَرِيبَ) كذا في كثير من نسخ البخاري. قَالَ القاضي: وكذا رويناه عن الأكثر في "الموطأ"، ورويناه عن بعضهم: "مثلًا أو قريبًا"، (ولبعضهم "مثل، أو قريبا"، وهو الوجه وقال ابن مالك: يروى في البخاري "أو قريب" بغير تنوين والمشهور "أو قريبًا" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015