فصل:
اختلف العلماء في معنى قوله - عليه السلام -: "مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا". فقال مالك: الأمر محمول على الوجوب، ومن طلق زوجته حائضًا أو نفساء، فإنه يجبر على رجعتها (?). فسوى دم النفاس بدم الحيض.
قال مالك وأكثر أصحابه: يجبر على الرجعة في الحيض التي طلق فيها، وفي الطهر بعدها، وفي الحيضة بعد الطهر، وفي الطهر بعدها، ما لم تنقض عدتها، إلا أشهب فإنه قال: يجبر على رجعتها في الحيضة الأولى خاصة، فإذا طهرت منها لم يجبر على رجعتها (?).
قال ابن أبي ليلى، وهو قول الكوفيين، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وابن حبيب، يؤمر برجعتها ولا يجبر على ذلك (?) وحملوا الأمر في ذلك على الندب؛ ليقع الطلاق على سنته، ولم يختلفوا أنها إذا انقضت عدتها أنه لا يجبر على رجعتها، فدل على أن الأمر بمراجعتها ندب.
وحجة من قال: يجبر على رجعتها قوله: "مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا" وأمره فرض، وأجمعوا أنه إذا طلقها في طهر قد مسها فيه أنه لا يجبر على رجعتها، ولا يؤمر بذلك، وإن كان قد أوقع الطلاق على غير سنته.
ووهم من قال أن قوله: "مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا" من كلام ابن عمر لا من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه صريح فيه، وقولهم: إنه أمر عمر لا ابنه، أغرب منه.